مهمة الحكومات الإخوانية
يقول الشيخ أيمن
الظواهري حفظه الله :
"النيتو وعلى رأسهم
أمريكا لا يروق لهم أن يتعاملوا مع الأشراف الأحرار المستقلين ..
ولكنهم يحرصون على
التعامل مع العملاء والتابعين والوكلاء .
ولذا يصفون كل حر شريف
مستقل بأنه إرهابي ومتطرف ومتشدد وأصولي ووهابي" .
والإسلام الإخواني هو
الإسلام الذي تسعى أمريكا اليوم لمغازلته ومد حبل الوصال مع أصحابه، لأنها تعلم
أنه هو الوسيلة المتبقية للتصدي للإسلام العقائدي المتشبث بالكتاب والسنة، وأن
الإخوان هم الحليف الأنسب في هذه المرحلة ..
لقد جربتهم أمريكا في
غزة، وجربتهم في العراق، وجربتهم في المواقف الحساسة والأحداث الكبيرة على مستوى
الأمة، وكانت التجربة ناجحة ومطمئنة ..
فأمريكا تعلم اليوم أنه
لا بأس عليها ولا بأس على مصالحها إن وصل الإخوان إلى السلطة .
كانت أمريكا بالفعل تسعى
إلى ترسيخ النظام الديمقراطي الذي يحقق لها مصالحها في بلاد الإسلام، وكانت ترجو
أن تتمكن من ذلك عن طريق العلمانيين الأقحاح، لكنها في النهاية وجدت أن أفضل طريقة
لذلك لن تكون إلا من خلال الترويج لأصحاب الفكر الديمقراطي المتدثرين بدثار الإسلام
..
لقد قامت أمريكا
بالتعامل مع الجماعات الإخوانية قبل الثورة وتواصلت معها وغضت الطرف عن سائر
أنشطتها وتحركاتها، وأوعزت إلى الحكام بالتعامل معها وتسهيل مهمتها فانطلقت
القنوات الفضائية والمؤتمرات الوسطية التي تروج لفكر هذه الجماعات .
و أنفقت أمريكا عشرات
الملايين من الدولارات لتمويل برامج تلفزيونية ومحطات إذاعية إسلامية وإعداد مناهج
تعليمية تدرس في بلاد الإسلام، وإعداد وتوظيف مفكرين وعقد ورش عمل سياسية وندوات
فكرية بهدف دعم هذا الإسلام المعتدل.
وفي الوقت الذي كانت
أمريكا وعملاءها من الحكام يعتقلون العلماء الصادعين بالحق كالشيخ عمر عبد الرحمن
والشيخ أبو محمد المقدسي والشيخ أبو قتادة الفلسطيني والشيخ سليمان بن ناصر
العلوان وغيرهم من العلماء الصادعين بالحق ..في هذا الوقت كان شيوخ الجماعات
الإخوانية ودعاتها يتلقون من الحكام العملاء حفاوة وتكريما ودعما منقطع النظير..
وقد صرح طارق السويدان
في مقابلة على قناة الرسالة بثت مساء الجمعة 01 ربيع الثاني 1433هـ . أنه لولا الوليد بن طلال
لما كان لقناة الرسالة وجود .
وبرزت على السطح شخصيات
ورموز إخوانية ما كانت لتظهر لولا هذا الدعم الكبير من أمريكا وحكام المنطقة.
لم تكن أمريكا تفعل ذلك
لتأهيل هذه الجماعات للحكم ..وإنما لسحب البساط من تحت المجاهدين !
وكان الشعار الذي تبنوه
خطة منهجية هو : "محاربة التطرف بتشجيع الاعتدال" أي نشر الفكر الإخواني
من أجل تضييق الخناق على الفكر الجهادي .
فلولا المجاهدون ما كانت
أمريكا لتلتفت إلى الإخوان أو تفكر مجرد تفكير في دعم أنشطتهم .
وقد قيل في المثل : ما
أرخص النّاقة لولا السّنّور. ([1])
لكن مع حلول الثورات
وسقوط الأنظمة العميلة ظهر أن لدى أمريكا والغرب رصيد آخر يتمثل في جماعة الإخوان
والوسطيين الذين أرادت منهم هذه المرة أن يقوموا بسحب البساط من تحت الشعوب
الثائرة ..
فوصول الإخوان إلى
السلطة هو حبة الإسبيرين التي ستجعل الكثير من الجماهير الغاضبة تهدأ وتستكين قبل
أن تستكمل الثورة أهدافها .
يقول المفكر الأمريكي
نعوم اتشومسكي :
(ستبذل أمريكا وحلفاؤها
قصارى جهدها لمنع ديمقراطية حقيقية في العالم العربي والسبب بسيط جدا ..
فالغالبية العظمى في
المنطقة تعتبر أمريكا مصدر التهديد الرئيسي لمصالحها ..
ومن ثم فإن أمريكا
وحلفاءها لا تريد حكومات تعبر عن إرادة الشعب، فلو حدث هذا لن تخسر أمريكا سيطرتها
على المنطقة وحسب، بل أيضا ستطرد منها ..
ماذا عن مصر وهي أهم دولة
وإن لم تكن مركزا رئيسيا لإنتاج النفط؟
حسنا، في مصر وتونس
والدول المثيلة توجد خطة للعبة يتم تطبيقها نمطيا ولا تحتاج عبقرية لفهماها ..
فإذا كان لديك دكتاتور
مفضل فقف إلى جانبه لآخر مدى وعندما يستحيل الاستمرار في دعمه لأي سبب فقم بإرساله
إلى مكان ما ثم قم بإصدار تصريحات رنانة عن حبك للديمقراطية .
ثم حاول الإبقاء على
النظام القديم ربما بأسماء جديدة، وقد حدث هذا مرارا وتكرارا ..
حدث مع سيموزا في نيكا
رجوا، ومع الشاه في إيران، ومع ماركوس في الفيليبين، وديفيلييه في هاييتي، وزعيم
كوريا الجنوبية، ومابوتو في الكونغو، وتشاوشيسكو مفضل الغرب في رومانيا، وسوهارتو
في اندونوسيا..
إنه أمر نمطي تماما وهذا
ما يحدث في مصر )اهـ .
زار مساعد وزير الخارجية
الأمريكية، ويليام بيرنز، حزب الحرية والعدالة، فى مقره المؤقت بمنيل الروضة، والتقى
الدكتور محمد مرسى، رئيس الحزب.
وقال بيرنز: «أمريكا
مستعدة لدعم مصر اقتصادياً لتجاوز الأزمة المالية»، مؤكداً أن زيارته تهدف فى
الأساس إلى الاطلاع على وجهة نظر الحزب فيما يتعلق بالناحية الاقتصادية والمشهد
السياسى المصرى بشكل عام.
وأوضح «بيرنز» أن بلاده
لديها برامج لتشجيع الاستثمار فى مصر وأن الرئيس الأمريكى أوباما، مهتم بهذا الملف
وحريص على دعمه، مطالبا السلطات المصرية بالتعاون مع مؤسسات المال الدولية، خاصة
صندوق النقد الدولى.
قال سفيان الثوري : ما
وضع رجل يده في قصعة رجل إلا ذل له.
والإخوان يؤكدون أهمية
العلاقات مع واشنطن :
التقى رئيس حزب
"الحرية والعدالة"، الذراع السياسي لجماعة "الإخوان المسلمين"،
محمد مرسي، اثنين من المسؤولين الأمريكيين وليام بيرنز مساعدة وزيرة الخارجية
الأميركية والرئيس الأسبق جيمي كارتر، وسط تأكيدات من قيادات الإخوان على أهمية
العلاقات مع واشنطن، ومحاولة من الطرفين في اتجاه التأسيس لمرحلة جديدة من
العلاقات تراعي المصالح المتبادلة لواشنطن والإخوان.
ودعا كارتر من جانبه قيادات
الحزب إلى استيعاب الأحزاب الشبابية التي لم تحقق نسب فوز كبيرة، وتوسيع مشاركة
المرأة في مختلف المجالات بعد أن أبدى ملاحظاته بشأن ضعف تمثيل المرأة في البرلمان
القادم، خاصة وأن المرحلة القادمة تحتاج إلى التأكيد على مدنية الدولة المصرية.
بينما أكد مرسي أن مصر
دولة كبيرة ولها مؤسسات وهذه المؤسسات تحترم الاتفاقيات التي تم توقيعها في الماضي
طالما التزمت كل الأطراف بذلك في إطار احترام السيادة والاستقلالية. ([2])
نشرت "البديل" على موقعها
نص استقالة أحمد بان عضو المؤتمر العام لحزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة
الإخوان المسلمين، ومسئول شعبة الجماعة بطحا نوب بالقليوبية.
وقد وصف أحمد بان في استقالته جماعة
الإخوان بأنها : (لم تكن يومًا من الأيام منذ ثلاثين عامًا على الأقل تمثل تناقضًا
مع النظام الحاكم أو منظومة الهيمنة الغربية، بل كانت نعم العون لكليهما ووفرت
لهما فرص الحياة ومدت في عمر هذا النظام الذي ثرنا عليه في يناير عشر سنوات على
الأقل).
و تحدث أيضا عن دور الجماعة في هدم
الثورة وتفكيكها و تفريغها من مضمونها فقال:
(كيف أتعايش مع جريمة الجماعة في حق
الوطن عندما حضرت للثورة متأخرة وانصرفت مبكرا وغلّبت منطق الصفقات التي أدمنها
التنظيم الذي لا يقل براجماتية عن أي حزب من الأحزاب التي نعرفها.
كيف أصمت أكثر على جريمة الجماعة في
تفكيك الزخم الثوري وشق الصف الوطني الذي نجحنا جميعا في بنائه لأول مرة بدءا من
25 يناير وحتى تنحي مبارك في فبراير الحزين عندما شارك الإخوان في خداعنا وحثنا
على الانصراف من الميدان، ليبدأ مخطط القضاء على الثورة التي لم يكن الإخوان يوما
من أنصارها كمنهج للتغيير، وتم دفعنا جميعا للانتقال من مربع الثورة إلى مربع
السياسة التي يمتلئ قاموسها بالصفقات والمناورات والمؤامرات.
وجرت تحت الجسر مياه لنعود فنبكي سبق
تونس علينا في كل المراحل.
كانت الجماعة تستطيع أن تمضي في مسار
آخر مع شركاء الوطن من أجل تغيير حقيقي ولكن من قال إن التنظيم يريد أصلا تغييرا
حقيقيا!
أرادها الشعب ثورة للتحرير وأرادوها
هم ثورة للتحريك.)اهـ .
لقد استفاد الإخوان من
الثورة أما الناس الذين ضحوا من أجل نجاحها فقد أصبحوا اليوم كما قال الحارث بن
عباد:
لم
أكن من جناتها علم الله ... وإني بحرّها اليوم صالي .
ولقد صدق في هذه الثورة
قول بعضهم :
الثورة يخطط لها
الأذكياء ويموت فيها الشجعان ويجني ثمرتها الجبناء .
***
أما في تونس :
فقد قال الغنوشي زعيم حركة النهضة في
مقابلة مع رويترز بمكتبه بالعاصمة أنه تلقى إشارات إيجابية من مسؤولين غربيين ترحب
بإمكانية فوز الحركة.
وقال "خلال لقائي بمسؤولين
ودبلوماسيين غربيين لقيت ترحيبا كبيرا بامكانية فوز النهضة.. ابلغوني بأنهم يقفون
على مسافة واحدة من جميع المتنافسين وأن همهم إنجاح الانتقال الديمقراطي لان فشل
التحول سيكون كارثي على الغرب وهجرة مئات الاف الى أوروبا."
ورأى الغنوشي أن مصلحة الغرب هي
الاستقرار في تونس وأنه لم يبق طريق للاستقرار غير التحول الديمقراطي وتعهد بإقامة
علاقات اقتصادية مميزة مع الغرب وقال "سنثبت العلاقات مع شركائنا التقلديين
مثل أوروبا بل سنسعى إلى تحسينها حتى الوصول إلى مرتبة شريك مميز لكننا أيضا
سنحاول تنويع شراكتنا في اتجاه الانفتاح على أمريكا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وأسيا
وخصوصا الأسواق العربية." ([3])
***
وأما في المغرب:
فإن حزب العدالة
والتنمية ليس إلا ديكورا لتجميل النظام القائم .
خلال العقود الماضية
كانت توجد في المغرب دائما حكومتان : الحكومة الشكلية المعلنة المتمثلة في الوزراء
ورئيسهم وليس لها من الأمر شيء سوى أنها مشجب تعلق عليه المصائب وكبش فداء للنظام،
والحكومة الفعلية الخفية وهي "المخزن" المتمثل في الملك وحاشيته
واللوبيات المتحكمة .
إلى حد الساعة لم يتغير
شيء ..فمعظم السلطات مازالت بيد الملك !
والسلطات المحدودة التي
يمتلكها حزب العدالة والتنمية تجعل كل تحركاته مرهونة بإرادة الملك .
وحتى بغض النظر عن
صلاحيات الملك الواسعة فإن النسبة التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية وهي
107مقاعد من مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 395 مقعدا
لا تمثل إلا نسبة الربع،
وسوف تكون كل تحركاته مقيدة بموافقة الأحزاب الثلاثة التي تحالفت معه في تشكيل
الحكومة : الاستقلال، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية..
وقد قام بنكيران بزيارة
مقر "التقدم والاشتراكية" وتودد إليهم قائلا : "را ابيغتكم اتسخنو
ليا اكتافي" !!
فماذا سيصنع للإسلام من
يريد تسخين أكتافه من حزب "التقدم والاشتراكية" ؟ !!
وكيف سيتحرك من لا يملك
ثلاثة أرباع المقاعد في البرلمان وهو فوق ذلك مقيد بضغوط المخزن وصلاحيات الملك
؟!!
هذا كله يعني أن حزب
العدالة والتنمية وصل إلى السلطة ..ولا سلطة لديه ..!
أي أنه سيكون مجرد ستار
يواري هيمنة المخزن وتحكمه في البلاد !
التغيير المطلوب في
المغرب هو التغيير الذي يفكك النظام القائم ويقضي على "المخزن"
واللوبيات المتحكمة، وفي أقل الأحوال يحجم سلطات الملك إلى أقصى ما يمكن ..
وهذا هو ما دعت إليه
حركة "العشرين فبراير" لكن فوز العدالة والتنمية كان هو طوق النجاة الذي
جعل النظام يتنفس الصعداء !
بالنسبة للنظام المغربي
لم يكن فوز العدالة والتنمية مسألة كارثية أو حتى مزعجة ..
النظام هو من سمح بهذا
الأمر وخطط له لأنه يعلم أن المرحلة تقتضيه ..فنجاح العدالة والتنمية خير من
السقوط النهائي ..!
ما الذي جعل شعبية
العدالة والتنمية ترتفع بين عشية وضحاها ؟!!
لقد كان الحزب يحصل على
النسبة نفسها لكن النظام هذه المرة قبل لها أن ترى النور تماما كما قبل بالتغيير
الجزئي للدستور !
لم يقتصر الأمر على ذلك
بل إن النظام بادر بسرعة إلى الاعتراف بالنتائج وتعاطى معها بإيجابية كبيرة وأبدى
استعداده للتعامل مع الحزب الفائز .
وهذا هو ما جعل
"العدل والإحسان" تنأى بنفسها عن هذه المهزلة ..وتنتقد حزب العدالة
والتنمية لقبوله المشاركة في هذه السلطة .
ومما ورد في رسالة
"العدل والإحسان" إلى حزب "العدالة والتنمية" :
(نختلف معكم جذريا، ونعتبر –وهذا تقديرنا– أن
تزكيتكم ودفاعكم عن هذا الدستور كانا مساهمة في الالتفاف على المطالب الحقيقية
للشعب، ومساهمة كذلك في تضييع فرصة ليست بالهينة، مع العلم أن الفرص الكبرى لا
تدوم إلى الأبد ....
"المشاركة السياسية"
بالشروط الفاسدة وفي الأوضاع المختلة هي في أحسن الأحوال مضيعة للوقت وخدمة
للاستبداد – من حيث لا يدري المرء– وتمكين له أشد التمكين .....
فالمؤسسات التي تعملون، وتدعون للعمل
من داخلها هي في واقعنا المغربي هوامش على متن الاستبداد، وديكورات لتزيين الحكم
المخزني....)اهـ .
وإن كان البعض يرى أن
الخلاف بين "العدل والإحسان" وحزب "العدالة والتنمية" لا يعدو
كونه تقاسما للأدوار ..بدليل أن "العدل والإحسان" أوقفت مشاركتها في
الاحتجاجات التي كانت تنظمها حركة 20 فبراير.
***
إن حكام المنطقة وأمريكا
والغرب ..كانوا جميعا يخشون وصول الإسلاميين إلى السلطة ..
لكن حينما يكون
الإسلاميون بلا إسلام ..فالجميع يرحب بمشاركتهم في الحكم واستخدامهم في مهمة الحكم
بغير ما أنزل الله !
وربما تتسع هذه الخطة
لتشمل الإسلاميين في الجزائر وفي بلدان أخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق