حديثي عن التظاهرات ( 2 ) أمريكا .. و محاولة استدراك الوقت الضائع |
الحمد الله ، و الصّلاة و السّلام على
رسول الله و على آله و صحبه و من والاه .
أمّا بعد : في يوم 16 جمادى الثانية 1432 هـ الموافق لـ 19 / 05 / 2011 م جاء خطاب كلب الروم أوباما – بعد مُضيّ عدّة أشهر على تظاهرات أمّتنا ضدّ من يحكمها من الطغاة الجبابرة - ليعطي موقفه تُجاه الثورات و التظاهرات الشعبية الّتي تعيشها أمّتنا ، هذا الخطاب جاء ليبيّن انهزام الأمريكان ليس فقط في ميادين المواجهة مع أبناء الأمّة المعطاة في أفغانستان و العراق و الصومال ، بل كذلك في ميادين التحرير و التغيير . قامت شعوبنا ضدّ من يحكمها من الّذين صُنعوا تحت أعين القوى اليهودية الصليبية ، هذه القومة من شعوبنا ضدّ هؤلاء الحكام يلزم منه قومة هذه الشعوب ضدّ من نصّب علينا هؤلاء المرتدّين العملاء ، و لهذا وجدنا هذه الشعوب الثائرة رفضت استقبال وزيرة خارجية أمريكا في تونس و مصر . جاء خطاب كلب الروم ليستدرك ما فاته من وقت ضاع منه حيث لاحظنا كيف ارتبك الحلف اليهوالصليبي في بداية الثورات – أقصد في تونس و مصر - ، بعدما أيقن هذا الحلف المحارب بقوة إرادة امّتنا في تنحية هؤلاء الحكام رأى – أي قوى الكفر - من المصلحة أن يلعب لعبة جديدة ليبقى هو المهيمن على تسييس شؤون أمّتنا ، هذه اللعبة الجديدة كنتُ قد حذّرتُ منها في شهر ذي الحجة سنة 1425 هـ في مقال بعنوان : ظاهرة الولاء للكفار ؛ قلتُ يومها : إنّ الذي يتأمّل أسلوب تعامل الكفّار مع الشّعوب المسلمة يلاحظ أنّهم انقسموا علينا على قسمين: *- قسم تقوده أمريكا وروسيا وهو إلغاء دور المسلمين بطريقة مباشرة وبالقوّة, والذي يعرف ما تلقّنه الصّهيونية لأبنائها يدرك هذه الحقيقة التي أصبحت مشاهدة في أرض فلسطين والعراق والشّيشان ... *- وقسم تقوده أوروبا وعلى رأسها فرنسا و بريطانيا وهو احتواء العالم الإسلامي ضمن العالم الغربي الكافر, وإبقاء الهيمنة عليه, وطريقتهم هي: التّغلغل داخل المجتمعات الإسلامية بطريقة لا تقلقها ولا تستفزّها, ويبقى المجتمع المسلم نائما إلى أن يجهز عليه ببطء وبهدوء مستخدمين الشّعارات الخدّاعة منها نفي وجود صراع الحضارات . وهذا التقسيم من الغرب علينا هو في الحقيقة تقسيم للأدوار, و بدأ المعسكر الأوّل الذي تقوده أمريكا يميل إلى المعسكر الثّاني لمّا تجرّعوا الخسائر في أفغانستان والعراق, تماما كما حصل للمعسكر الثّاني, فإنّهم ما اختاروا إستراتيجية الاحتواء إلاّ بعد أن ذاقوا مرارة الخسائر في المواجهة العسكرية. وهكذا فالغرب الكافر لا يفهم إلاّ بالقوّة, فالكافر لا يعترف بحقوق غيره إلاّ مجبرا, وعندما يعترف مجبرا معنى ذلك أنّ هناك قوى وفعاليّات أجبرته على ذلك كما حصل لشارل ديغول لمّا قال مقولته فإنّ الذي أجبره هم الثّوّار الجزائريّون, وما حصل من سحب إسبانيا قوّاتها من العراق فإنّ الذي أجبرهم هم مجاهدو غزوة 11مارس 2004, وما شعار الوئام والمصالحة في الجزائر إلاّ دليل وجود قوّة أجبرت النّظام أن يغيّر من إستراتيجيّته . وما شعار المصالحة كذلك في الشيشان إلاّ دليل على قوّة المجاهدين وانتصارهم؛ لكن لمّا يغيّر الكافر من أسلوبه مضطرّا إنّما يضمر شرّا كبيرا, ولهذا كان الاتجاه الثّاني هو الأخطر على الإطلاق , لأنّ الاتجاه الأمريكي اليهودي الرّوسي بقدر ما يقتل من البشر وينهب من الأراضي تعلوا الهمم ويزداد الإيمان في مواجهة هذا العدوّ, أمّا الاتجاه الأوروبي كالسّم ذي المفعول البطيء, الذي يقتل بدون أن يترك دماء سائلة أو نيرانا مشتعلة, أو أرضا محروقة, يقتل ويستطيع صاحبه المشي في جنازة الميّت دون أن يثور عليه أحد, بل يصفّق عليه كلّ أحد إلاّ ما شاء الله تعالى .اهـ و هاهي أمريكا تتخلّى عن التعامل بالقوّة مع أمّتنا تدريجيا لمّا أذاقها المجاهدون الويلات ، و ها هي الآن تختار سياسة الاحتواء مضطرّة ، فصارت تنادي بالحوار في أفغانستان ، و بالمصالحة في العراق ، و بحق شعوبنا في اختيار حكامهم في سائر بلدان الثورات – هكذا يتظاهرون لكنهم يمكرون فلا يكون من الحكام إلا من يرضون به ما لم تقم أمّتنا قومة حقيقية ليس فقط في تنحية من هم على رأس الحكم بل كذلك في الإيديولوجية الّتي كان يحكم بها هؤلاء المفسدون منذ سقوط الخلافة ، لابدّ لأمّتنا أن تنادي بالرجوع إلى مصدر عزّها و كرامتها ألا و هو تحكيم شريعة الله تعالى - . شاء الله تعالى أن تكون كلمة كلب الروم أوباما يوم 16 جمادى الثانية 1432 هـ الموافق لـ 19 / 05 / 2011 م ، في نفس اليوم الّذي نشر فيه إخواننا في مؤسسة السحاب الإعلامية التابعة لتنظيم قاعدة الجهاد كلمة إمامنا شهيد الأمّة أبي عبد الله أسامة بن محمد بن لادن رحمه الله و قدّس الله روحه و تقبّله في العلييّن ، لتقارن أمّتنا بين فحوى الخطابين و إن حاول الإعلام أن يصدّ الناس عن خطاب إمامنا بتسليط الأضواء على خطاب كلب الروم المتآمر على أمّتنا ، - هكذا بات الإعلام العربي و منها الجزيرة تابعا لأجندة الغرب اليهو الصليبي على حساب المطلب الربّاني و هو عودة أمّتنا إلى تحكيم شريعة الله تعالى -. والمتأمّل بين الخطابين يلحظ تخبط خطاب الأمريكان ، و ثبات خطاب شهيد الأمّة و هو يمثّل خطاب قادة الأمّة الفعليين الّذين يعملون لإعزاز الأمّة و استرجاع كرامتها ، فالأمّة صارت بين خطابين ، و بين زعامتين ، خطاب ربّاني ، و خطاب شيطانيّ ، بين زعامة القادة الربّانيين ، و بين زعامة اليهو الصليبيّن . فلتحذر امّتنا من مكر عدوّها فتُقطف ثمرة ثورتها و تظاهراتها فيُنصّب عليها حكام أكثر مكرا و خداعا من الّذين سبقوا ، فلا تنسوا و لا تغفلوا أنّ العدوّ رسم لنفسه إستراتجية جديدة لمواجهة امّتنا إن هي فكرت في استرجاع عزّها و كرامتها وسيادتها ، و الّذي يدرس ما يجري في الملتقيات و الندوات سواء كانت إعلامية أو من رجال السياسة أو من مراكز الاستخبارات يُدرك مدى حجم المؤامرة الّتي تحاك ضدّ امتنا لتصدّهم عن سبيل الله تعالى . و عليه فعلى : 1 / العلماء و طلبة العلم مسؤولية عظيمة في هذه المرحلة : - مسؤولية إحياء منهج إبراهيم عليه الصّلاة و السّلام ، منهج الولاء و البراء ، القائم على التوحيد الخالص و السنة الصافية . - مسؤولية توعية الأمّة بضرورة عودتها إلى تحكيم شرع الله تعالى . - مسؤولية توعية الأمّة بخطورة إعادة تحكيم القوانين الوضعية الشركية . - مسؤولية توعية الأمّة بحجم المؤامرة الّتي تكرّس عليها من طرف اليهود و الصليبيين و من أعانهم و سار على دربهم من المنافقين و المرتدّين . فعلى هذا الصنف من هذه الأمّة أن يتّق الله تعالى و أن يعمل لإرضاء الله تعالى وحده ، و ليتذكّروا أن سيدّ الشهداء من قام عند سلطان جائر فأمره و نهاه فقتله ، و ليحذروا من لعنة الله تعالى إن هم كتموا – فكيف إن دلّسوا و كذبوا - ما يجب إظهاره للأمّة من الحقّ المبين . على العلماء و طلبة العلم أن يتواضعوا لإخوانهم المجاهدين قادة و مشايخ و جنودا ، و ليعلنوا أنّ ما عليه المجاهدون هو الحقّ لا مرية فيه ، و أنّ ما سوى سبيلهم – أقصد سبيل أهل الجهاد - هو من بنيات الطريق الواجب الحذر منها . 2 / كما أنّ للإعلاميين أن يتّقوا الله و ليحذروا نقمة الله تعالى إن هم ساهموا في إنجاح المؤامرة الصليبية الّتي تُحاك ضدّ أمّتنا . لا مجال للإعلامي أن يتظاهر بالحياد تُجاه قضايا تمسّ مصير أمّتنا ، فلابدّ للإعلاميّ الصادق أن ينحاز إلى قضايا أمّته : - أن يكشف الحقّ و حجم المؤامرات . - أن يسعى في كشف حقيقة المتآمرين على هذه الأمّة . - أن تتكاتف الجهود بين الإعلاميين و قادة الجهاد و مشايخهم لتوعية الأمّة و ترشيدها و توجيهها ، هذا أفضل من أن يتعاون الإعلاميّ مع قوى الكُفر ليملوا على شباب الثورة ما يجب أن يفعلوه ، و هذا الّذي يُفعل من القنوات الفضائية و على رأسها الجزيرة يدخل في سياسة احتواء امّتنا تحت عباءة اليهو الصليبية . 3 / أمّا شباب الثورة فأقول بارك الله في سعيكم و سدد خطاكم ، لكن يجب أن تحذروا من المكر القادم ، فليس من السهولة ان يتخلّ العدوّ عن معسكراته الخلفية ، فإن مكّنكم الله تعالى بإسقاط رؤوس النظام فاعلموا أنّكم لم تُسقطوا النظام و لا الإديولوجية الّتي كان النظام يقوم عليها ، فالمشوار لم ينته بعدُ ، فعليكم بالثبات حتى تحقّقوا الأهداف . يا شباب الثورة اعلم أنّكم متنوّعون في الطرح ، متباينون في الفكر و المشرب ، لكن ما يجب أن تكونوا متوافقين عليه هو عودة تحكيم شرع الله تعالى ، هذا هو مكمن عزّ الأمّة و كرامتها ، و ما تآمر الصليبيين و معهم هؤلاء الحكام إلاّ ليصدّوا الناس عن هذا المطلب الربّانيّ ، فكثفوا جهودكم للإحقاق هذا الحقّ القرآني ، و احذروا من أن يصدّوكم عن سبيل الله تعالى . يا شباب الثورة يُحاول العدوّ الصليبي أن يجعلوا بينكم و بين إخوانكم المجاهدين خندقا ، و يهددون ثورتكم بعدم النجاح إن أنتم تعاونتم مع إخوانكم المجاهدين – فكلّ مرّة يرفعون شماعة القاعدة و السلفية - ، فمن الأولى أن تتعاونوا معهم ؟ هل الأولى أن تتعاونوا مع إخوانكم الّذين هم أوّل من عرف حقيقة هذه الأنظمة ، و هم أوّل من انتفض عليها ؟. أم الأولى عندكم أن تتعاونوا مع من يتآمر على أمّتنا ، فانتهك عرضها و حارب دينها و نهب ثرواتها و نصب علينا هؤلاء الحكام العملاء فذبحوا أبناءنا و قتّلوا نساءنا و نكّلوا برجالنا ؟. يا شباب الثورة أليس السلفيون هم منكم و أنتم منهم ، ألا ينتمون إلى الدّين الّذي أنتم تنتمون إليه ؟ ، ألا ينتمون إلى الأرض الّتي انتم تنتمون إليها ؟ فاحذروا مؤامرة التفريق بينكم و بين إخوانكم ، فهم يعملون لتواجهوا إخوانكم و لو بالسلاح ، فهم يباركون لكم المواجهة السلمية مع عملائهم و في ذات الوقت يحرّضونكم على القوّة ضدّ إخوانكم ، فلا تكونوا وكلاء لهم في مواجهة إخوانكم. يا شباب الثورة اتقوا الله في دينكم ، و احذروا من مكر الإعلام ، فالثورة ثورتكم ، فحافظوا عليها و احذروا الدسائس . إليكم جميعا أنبّه : العدوّ يلعب على الوقت الضائع فلعنة الله على من يعينه على استرجاع ما ضاع منه . ولي عودة معكم إن شاء الله تعالى في إتمام حديثي عن هذه التظاهرات . 27 جمادى الثانية 1432 هـ / 30 / 05 / 2011 م
أبو مسلم الجزائري 2011-06-04
|
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق