الأحد، 16 سبتمبر 2012

زلّ حمار العلم في الطين



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه

وبعد ..

فلقد قرأت في جريدة الرأي الاردنية بتاريخ 16 صفر 1417هـ الموافق 2/7/1996م خبراً بعنوان: ( هيئة كبار العلماء بالسعودية تشجب حادث التفجير )

وجاء في الخبر : (شجبت هيئة مجلس كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في بيان نقلته صحف المملكة أمس حادث التفجير في الخبر …..

وقال البيان الذي صدر عن جلسة استثنائية عقدت يوم السبت في مدينة الطائف برئاسة مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز بن باز :- ((أن المجلس بعد النظر والدراسة والتأمل قرر بالإجماع … أن هذا التفجير عمل إجرامي محرم شرعاً بإجماع المسلمين ))

وأضاف : ((في هذا التفجير هتك حرمات الإسلام المعلومة منه بالضرورة وهتك لحرمة الأنفس المعصومة وهتك لحرمة الأموال وهتك لحرمة الأمن والاستقرار وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم وغدوهم ورواحهم ))(1)

وتابع البيان قائلاً : (( ما أبشع وأعظم جريمة من تجرأ على حرمات الله وظلم عباده واخاف المسلمين والمقيمين بينهم فويل له ثم ويل له من عذاب الله ونقمته ومن دعوة تحيط به نسأل الله أن يكشف ستره وأن يفضح أمره )) أهـ.

فأقول : قد فضح الله أمركم وكشف ستركم يا علماء الضلالة .. ووالله لقد جاء علينا يوم كنا نكف ألسنتنا عن الخوض فيكم ، ونربأ بأنفسنا عن الانشغال بكم ، خوفاً من تهميش صراعنا والانحراف عن نهج دعوتنا .. وكنا نكتفي بتحذير الشباب من ضلالاتكم .. حتى كفَّرَنا من كفّرَنا لتركنا الخوض في تكفيركم ..

وقد كنا نأمل ان تراجعوا .. أو تغيرّوا.. أو تبدلوا.. أو تتوبوا .. أوتستحيوا .. ونعرض عنكم متمثلين بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (دعهم يتحدث الناس محمداً يقتل أصحابه )

ولكنكم يا للأسف .. لم تزدادوا إلا عماية وطغياناً .. وانحرافاً عن الحق وانسلاخاً عن التوحيد ، وانحيازاً إلى الطواغيت والى الشرك والتنديد ..

وإذا كان أسلافكم وشيوخكم الذين كان عبد العزيز (أخو نوره) و(أبو فهد) يستغفلهم ويضحك عليهم .. فيجدون من يرقع لهم ، لدهاء الخبيث وإحكامه التلبيس والتدليس ..

فحكم أولاده الذين تتولونهم وتبايعونهم اليوم وأمرهم لا يخفى على أحد .. فكفرهم وموالاتهم لأعداء الدين وطواغيت الكفر الشرقيين والغربيين ومحاربتهم للموحدين، ظاهر بين لا يخفى حتى على العميان ..

ومع هذا فما زلتم تسمون الطاغوت إمام المسلمين ، وتعدونه وغيره من الطواغيت ولا ة أمور شرعيين ، وتعدون المنازع لهم، الكافر بشركهم من الخوارج والبغاة والتكفيريين .. فصدق فيكم ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلام النبوة الأولى : ( إذا لم تستح فاصنع ما شئت )

وها أنتم كل يوم تزدادون جرأة على دين الله وأوليائه ، وتمعنون في الترقيع لأعداء الدين وتسويغ باطلهم والتلبيس على المسلمين .. فتقولون في هذا البيان : ( إن هذه التفجير عمل إجرامي محرم شرعاً بإجماع المسلمين )أهـ. (زل حمار العلم في الطين ) .. فأي إجماع هذا الذي تتحدثون عنه ، وأي مسلمين تقصدون

(إننا وإخواننا الموحدين ممن يقفون في وجه الطواغيت في كل بقاع الأرض نخرق إجماعكم المدّعى هذا ..

فإما انكم لا تعدوننا من المسلمين !! أو أنكم لستم بصادقين في دعوى الإجماع هذه .. ورحم الله إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل الذي تنتسبون إلى مذهبه – زوراً - إذ يقول : ( من ادعى الإجماع فقد كذب ما يدريه لعل الناس اختلفوا ..)

فليس إجماعكم هذا المزعوم بشيء

لأنه إجماع كلنتون وشيراك وفهد وأسد وحسن وحسين وحسني وغيرهم من طواغيت الكفر ومن شايعهم من علماء الفتنة وسدنة الشرك والقانون ..

أما قولكم (ما أبشع وأعظم جريمة من تجرأ على حرمات الله وظلم عباده وأخاف المسلمين )

فلا أظنه يخفى على أحد يا عميان القلوب أن أَْولى من ينطبق عليه مثل هذا الكلام هو طاغوتكم فهد وإخوانه من طواغيت الشرك الذين لم يتركوا حرمة من حرمات الله إلا انتهكوها ، ولم يبقوا حقاً لعباد الله إلا وظلموهم إياه .. وروّعوا المسلمين وأمّنوا المشركين وأقروا أعين الكافرين وبيان كفرهم وباطلهم وجرائمهم لا يسعه مثل هذه الورقات ..

لقد صدّقتم يا علماء السوء من قبل على قتل جهيمان وطائفة من إخوانه وهاهي فتاويكم التي قُتلوا بها الى اليوم محفوظة شاهدة على جريمتكم ، ومع هذا فقد قيل يومها: الأمر ملتبس والحادث حصلت فيه فتنة عظيمة ، وحمل السلاح في الحرم فتنة وبلبلة وقتل أبرياء …و … و… الخ ، فوجدتم من يرقع لباطلكم … ورقع لكم المرقعون ..

ثم سوّغتم لطاغوتكم (ولي الأمر أو الخمر ) فهد … لبس الصليب فقيل الأمر ملتبس … وهذه (ميدالية) وشعار وليس هو بصليب صريح ورقع لكم المرقعون …

ثم أفتيتم لإمامكم بإدخال الأمريكان واستقرارهم بالجزيرة وأفتيتم بجواز الاستعانة بهم ضد صدام حسين مع أنكم لم تكونوا تكفرونه أو تكفرون جيشه !! بل كنتم تطبلون له وتزمرون لما كان يقاتل رافضة إيران … ثم ذهبتم مذهب الخوارج فكفرتموه لإحتلال الكويت والقتل والقتال (2) .. وجوزتم لأجل ذلك الاستعانة بالكفار على قتاله .. وهاهم يستقرون ببركات فتاويكم في ديار المسلمين ..

فقيل : الأمر فيه مفاسد و مصالح وصدام طاغوت مجرم ما كان ليتوقف عند حدود الكويت .. وغير ذلك.. فرقع لكم المرقعون ….!!

وها أنتم تخلعون جلباب الحياء وتعلنوها صراحة فتقررون جواز قتل المسلم الموحد، بالكافر المشرك النصارني، فتفتون بقتل أربعة من خيار الموحدين بعد حادث تفجير العليا بالرياض .. مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال : (… لا يقتل مسلم بكافر ) رواه البخاري من حديث علي بن أبي طالب .. فبهت المرقعون .. وقال من عنده بقية حياء منهم : (شي يترقع ، وشي ما يترقع)

ثم ها أنتم تزعمون (إجماع المسلمين) على حرمة مثل هذا العمل وأنه من أعظم الجرائم، وتنسون جرائم طواغيتكم المتفرقين ..

لكن نقولها بصراحة .. إن هذا كله غير مستغرب عندنا .. نعم قد يستغربه غيرنا ممن لم يكن عنده بصيرة فيكم قبل اليوم ، فيتعجب ويفاجأ بمثل هذه المواقف .. أما الموحد الذي استنار قلبه بنور الوحي، واستبان سبيل المجرمين، وعرف حكم الله في طاغوتكم (إمامكم) ثم يراكم مع هذا تعطونه صفقة أيديكم وثمرة أفئدتكم فتبايعونه … وتقررون بأنه إمام للمسلمين .. مع أنه من الطواغيت اللذين أمرنا الله أول ما أمرنا أن نكفر بهم !!

فمن عرف هذا وتبصر به .. لم يعجب ولم يفجأ بما هو دونه أو بما هو متفرع عنه ..

فبيضوا … وفرّخوا … و أفتوا بما بدا لكم من باطل وزور

خلا لك الجو يا نعامة فصفري ما شئت أن تصفري ..

ولكن ليكن في علمكم بعد أن تكشّفت عوراتكم أن الأمة ستلعنكم إن لم تتوبوا ..

((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )) .. البقرة

فتوبوا … وأصلحوا … وبينوا الحق للخلق ..

وإلا فمهما لمّعكم الطواغيت … ومهما زينوا فتاويكم التي تنصر باطلهم .. ومهما وضعوا لكم من ألقاب .. وأنشأوا لكم من هيئات .. فمصيركم إن لم تتوبوا وتصلحوا وتبينوا ، مصير من قال الله تعالى فيه ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) الأعراف

يا معشر العلماء إن سكوتكم من حجة الجهال كل زمان
يا معشـر العلماء هبوا هبة قد طال نومكم إلى ذا الآن
يا معشر العلماء قوموا قومة لله تعـلي كـلمة الإيمـان
يا معشر العلماء عزمة صادق متـجرد لله غـير جـبان

فالله ينصر من يقوم بنصره والله يخذل ناصر الشيطان (3)

وكتب أبو محمد المقدسي
الأردن – سجن سواقة
16 صفر 1417 من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام



(1) وأقول: وفسقهم وفجورهم وعهرهم وخمرهم وكفرهم .. إذ لا يخفي حال من قتلوا في ذلك التفجير ، فقد نشرت الرأي في 29/6/1996م تحت عنوان (الجنود الامريكيون يحاولن نسيان انفجار السعودية ) الظهران السعودية – رويتر (….. وعلى بعد أقل من 500 متر من البناية المدمرة في مجمع الخبر راح الجنود أمريكيون من الرجال والنساء يلعبون الورق ويرقصون ويشربون الجعة الخالية من الكحول في موقف للسيارات تم تحويله إلى قاعة ضخمة للترفيه ، وقال السارجنت ديفيد جريجوروف وهو يراقب ثلاثة أزواج من الجنود يتمايلون على حلبة الرقص : أن حفلات الموسيقى الشعبية الأمريكية مساء كل خميس تحظى بإقبال شديد من الجنود في العادة، وسوف يبدأون في التوافد وسيعود كل شيء إلى طبيعته )) أهـ.
(2) فهذا الذي احتجوا به لتكفيره من القتل والقتال والإحتلال معلوم عند أهل السنة والجماعة أنه لا يصل إلى الكفر إلا بالاستحلال، ونحن لم نكفره من أجل ذلك فالرجل عندنا مجرم كافر خارج من دين الله قبل ذلك من أبواب شتى ليس هذا مجال تفصيلها..
(3) أبيات من قصيدة الدر المنظوم في نصرة النبي المعصوم ، لعبد الرحمن بن محمد بن حجر الحسني الجزائري .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق