الجمعة، 9 نوفمبر 2012

عبد الحميد بن باديس.موقع الشيخ ابن باديس

هو عبد الحميد بن محمّد المصطفى بن المكي بن محمّد كحول بن علي سليل الجدّ الأعلى "مَنَاد بن منقوش"كبير قبيلة "تَلْكَاتَة" (أو تُلُكّاتة أو وَتْلَكّاتة) ، وقد ظهرت علامات شرفه وسلطانه في وسط قبيلته قبل سقوط الدّولة الأغلبيّة (296 ﻫ / 909 م)، وكان فرع "تَلْكَاتَة" أهل مَدَر (حضريّين)، من بين الفروع العديدة التابعة لأمجاد قبيلة صنهاجة.
ونسب أسرة "ابن باديس" عريق في الشرف والمكانة مشهور بالسلطان والعلم والثراء والجاه، عرفت منه شخصيات تاريخية كبيرة منها "المعِزّ لدين الله بن باديس" أشهر حكام الدَّولة الصّنهَاجيَّة التي عرفت باسم دولة "بني زيري" نسبة إلى الأمير أبو الفتوح سيف العزيز بالله "بُلكّين بن زيري بن مَنَاد الصنهاجي"، الذي ولاه الفاطميون بعد رحيلهم إلى مصر على أفريقية (حكم 361 - 373 ﻫ / 972 - 984 م).
و"المعِزّ لدين الله" ابن الأمير "بَاديس بن المْنصُور بن بُلكّين"، ثالث  ملوك بني زيري، كان واليا على أفريقية  والمغرب، (حكم : 386 - 406 ﻫ / 996 - 1016 م). وقد لَقب الخليفة الفاطمي "المعِزّ لدين الله" بشرف الدولة، وعمل إبانحكمه (406 - 454 ﻫ / 1015 - 1062 م) على قطع الخطبة للفاطميين وحولها للعبّـاسيين، ونصر السنة وأظهرها، وأعلن المذهب المالكي مذهبًا للدولة.
ومن رجالات الحكم كذلك الأمير "تميم بن المعِزّ لدين الله" ملك أفريقية وما والاها بعد وفاة أبيه (حكم : 454 - 501ﻫ / 1062  - 1108 م)، كان محمود الآثار، شهمًا شجاعاً كريمًا عالماً، وهو أحد فحول شعراء الملوك، وذوي السبق والتقدّم في معانيه وبدائعه، حوى فيه الجودة والكثرة.
ومن شعره :
فَإِمَّـا الـمُلْكُ في شَـرفٍ  وعـزِّ                      عليَّ التّـاجُ في أَعلَى  السريـرِ
وإمَّـا الموتُ بين ظُبَـا  الـعـوالي          فَلَستُ بخـالدٍ أبَـدَ الدّهـورِ
والأمير "يحي بن تميم بن المعِزّ" (حكم : 501 - 509ﻫ/ 1108 - 1116 م)، كان عادلاً كريمًا محبًا للفتح، أولى عناية فائقة بأسطوله، فزاد في عدد السّفن وكثر من عمليات الغزو في البحر، حتى اتقته جنوة وسردينية بالجزي.
واشتهر من أسرة "ابن باديس" عدة شخصيات في ميدان العلم والقضاء والنّضال السّياسيّ، ويذكر ابن خلدون (تـ 808 ﻫ / 1406 م)أنه اجتمع فيهم أربعون عمامة كلهم صاحب منصب، حازوا مناصب في التدريس والإفتاء والوظائف الدينية، وتكاد تكون وظيفة القضاء في قسنطينة قاصرة على علماء هذه الأسرة زمنا طويلا.
فخلال القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) تميز عالم من أعمدة الفقه المالكي في مدينة قسنطينة هو "حسن بن بلقاسم بن باديس" (أبو علي)، ذكره محمّد العبدريّ في رحلته وقال : « شيخ من أهْل العلم، يذكر فقها ومسائل ذو سمت وهيئة ووقار بقسنطينة..».
كذلك القاضي "حسن بن خلف الله بن حسن بن أبي القسام بن ميمون بن باديس" القيسي القسنطيني (تـ784 ﻫ/ 1382 م)، كان مشهورا بغزارة علمه، خطيبا، من فقهاء المالكية، روى عن ابن غريون وأخذ عن ابن عبد السلام وغيرهما من كبار العلماء.
واشتهر في مجال الأدب الصوفي بقسنطينة العالم المحدِّث الفهيه المالكي أبو علي "حسن بن أبي القاسم بن باديس" (تـ 787 ﻫ / 1385 م)، تولى بعد زيارته حواضر المشرق الكبرى منصب قاضي الجماعة بمدينة تونس سنة (778 ﻫ / 1376 م)، ثم أعفي منه فعاد لمدينة قسنطينة وشغل بها نفس الوظيفة. أدرك في حداثته مـا لم يُدركْه غيره في سنِّه، له شرح لكتـاب « أوجز السير لخير البشر » لأحمد بن فارس القزويني الرازي، و« تقـاليد ». وهو صاحب القصيدة السينية التي نظمها باسم « النفحات القدسية»  في الشّيخ الزاهـد "عبد القـادر الجيلاني" (تـ 560 ﻫ/ 1165 م) أحد علماء  الحنابلة، صاحب كتاب«الغنية » في مذهب أحمد.. ومطلع القصيدة :
ألاَ صلْ إلى بغداد فهي مُنّي النفس            وحدث بها عمن ثوى باطن الرمس
وفي العهد العثماني برز قاضي قسنطينة الشهير الخطيب "أبو العباس أحمد" المدعو  "حميدة بن باديس" (تـ 969 ﻫ/ 1562 م) قال عنه شيخ الإسلام عبد الكريم الفكون (تـ 1073 ﻫ/ 1662 م): « هو من بيتات قسنطينة وأشرافها وممن له الريّاسة والقضاء والإمامة بجامع قصبتها، وخَلَفُ سلف صالحين علماء حازوا قصب السبق في الدراية والمعرفة والولاية، وناهيك بهم من دار صلاح وعلم وعمل ».
و"أبو زكرياء يحيى بن باديس" ابن الفقيه القاضي "حميدة بن باديس" كان حييا ذا خلق حسن كثير التواضع، سالم الصدر، ذا تلاوة لكتاب الله. كان نائبا عن قضاة قسنطينة وخطيب جامع قصبتها.
والشّيخ  المفـتي  "بركـات بن بـاديس" دفين مسجد سيدي قموشبمدينة قسنطينة.
و"أبو عبد الله محمّد بن أبي زكرياء يحي بن باديس" قال عنه الشّيخ عبد الكريم الفكون : «كان يقرأ معنا على الشّيخ التواتيآخر أمره، وبعد ارتحاله استقل بالقراءة عليّ وهو من موثقي البلدة وممن يشار إليه ».
والشّيخ "أحمد بن باديس" الذي كانت بينه وبين الشّيخ عبد الكريم الفكون مودّة وإخاء، شغل في ابتداء أمره منصب كاتباً بين أيد أمراء قسنطينة، ثم تولى خطابةَ جامع قصبة المدينة، وبعد زمن يسيير ترقى للإفتاء ثم استقل به في زمنه.
ومن أسلاف الشّيخ ابن باديس المتأخرين جده لأبيه الشّيخ "المكي بن باديس" (تـ 14 ذي القعدة 1316 ﻫ / 26 مارس 1899 م)، كان قـاضيا مشهورا بمدينة قسنطينة وعضوا في المجلس العام وفي اللجنة البلدية،وقد احتل مقاما محترما لدى السكان بعد المساعدات المالية التي قدمها لهم خاصة أثناء المجاعة التي حلت بالبلاد فيما بين 1862 - 1868 م، ودعى إلى الاستشارة في الجزائر وباريس، وقد تقلد وساما من يد "نابليون الثالث".
وعمه "حميدة بن باديس" النائب الشهير عن مدينة قسنطينة أواخر القرن التاسع عشر الميلادي الذي اشترك مع ثلاثة من النواب في 10 أفريل سنة 1891 م على رفع تقريرا عن الوضع في الجزائر بمناسبة زيارة لجنة برلمانية فرنسية برئاسة "فرانك شقو" عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، حضرت إلى الجزائر من أجل البحث وتقصي الأحوال فيها كي تقدمها بدورها إلى الحكومة الفرنسية وأعضاء البرلمان الفرنسي في باريس، وقد اشتمل التقرير على وصف دقيق لوضع الجزائر السّياسيّ والاقتصادي والاجتماعي والقضائي.

أبوه : هو "محمّد المصطفى بن باديس" (1868 - 1951 م) من ذوي الفضل والمروءة ومن حفظة القرآن الكريم. كان صاحب مكانة مرموقة بين جماعة الأشراف، تبوأ منصب النائب المالي والعَمَالي بقسنطينة، عضوا فيالمجلس الجزائري الأعلى وباش آغا شرفيا، ومستشـارا بلديا بمدينة قسنطينة. وشحت فرنسـا صدره "بوسام الاحترام" من رتبة أوفيسي (ضابط). ولوالد "ابن باديس" الفضل في إنقاذ سكان منطقة واد الزناتيمن الإبـادة الجماعية سنة 1945 م على إثر حوادث 8 مـاي المشهورة. وقد اشتغل كذلك بالفلاحة والتجارة، وأثرى فيهما.

أمـه : هي "زهيرة بنت علي" (من مواليد 1869 م)، كريمة من كرائم أسرة  "ابن جلول" المعروفة بالعلم والصلاح والثراء في قسنطينة، وهي من فروع قبيلة "بني معاف" المشهورة في جبال الأوراس.
ومن أبرز شخصيات هذه الأسرة "أحمد الزواوي بن جلول" أحد أعيان مدينة قسنطينة في أواخر القرن 18 م ورفيق "صالح بن مصطفى باي"  أشهر بايات الشرق في العهد العثماني (حكم 1185 - 1205 ﻫ / 1771 - 1791 م)، وتذكر المصادر أنه تزوج ابنة "بن جلول" بعد توليه الحكم، لما بينهما من صداقة قديمة.
وكذلك الدكتور محمد الصالح بن جلول(1893 – 1985 م) ابن خال الشيخ ابن باديس، وهو من أقطاب النضال السياسي وممثل النخبة المثقفة إبان الاستعمار الفرنسي، فقد كان عضوا في أول برلمان تأسيسي، ومستشارا، وعضوا  في مجلس الشيوخ حيث كانتدعوته صريحةإلى المساواة بين الجزائريين والفرنسيين في كل المجالات.
هذا وقد أثمر زواج السيدة "زهيرة" مع "مصطفى بن باديس" تسعة أولاد هم : عبد الحميد، المولود (المدعو زبير)، محمد العربي، سليم، عبد المليك، محمود وعبد الحق، ونفيسة والبتول.

المصدر : كتاب الإمام عبد الحميد بن باديس رائد النهضة العلمية والإصلاحية في الجزائر (1889-1940) لـ : عبد المالك حداد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق