الجمعة، 9 نوفمبر 2012

بيان مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية بشأن تهويد القدس وإعلان اليهود بأن المسجدين الإبراهيمي في الخليل وبلال بن رياح في بيت لحم تراث يهودي مقدس.الذل والعار

بسم الله الرحمن الرحيم
 
{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)} [آل عمران : 67 - 68]

تتزايد الهجمة الشرسة لأعداء الله يهود على المسجد الأقصى، وتتكرر الاقتحامات الآثمة له، وتتصاعد وتيرة الاستيلاء على مساجد فلسطين ، عبر سياسة مكشوفة مفضوحة، لا تنطلي إلا على من أعمى الله بصيرته.

فها هو مشروع الحفريات للمؤسسة الصهيونية تحت وحول الأقصى قد تحول عن أهدافه مرات عدة، فبعدما كان في مرحلة ما يهدف إلى هدم الأقصى بالدرجة الأولى، بات اليوم - كما تشير تقارير الخبراء بواقع المدينة المقدسة - يهدف إلى تأمين وجود تراث وتاريخ يهودي، وخلق واقع سياحي وديني على الأرض من خلال تحويل معظم هذه الحفريات إلى كنس أو مدن أثرية أو معارض أو متاحف أو قاعات أو طرقات، أُنْفق عليها مئات الملايين من الدولارات، وقد أبدعت المنظمات الصهيونية في اختراع تاريخ لها في فلسطين وانتحال وتزوير آثارها.

ادعاءات وافتراءات تهدف للتخلص من عقدة النقص التي يعاني منها سادة وقادة اليهود بانعدام أماكنهم المقدسة على أرض فلسطين، فعملوا على إيجاد تاريخ وثقافة وحضارة لهم على أرض فلسطين وحولها، وادعاء ذلك التاريخ للأجيال اليهودية القادمة؛ لنزع الصفة الإسلامية عن أرض فلسطين بادعاء أن كل المقدسات الإسلامية هي مقدسات يهودية الأصل، وأن المسلمين دُخلاء على تلك الأرض، وما أتى الصهاينة الآن ألا ليعيدوا الحق إلى أهله.

وقد بدأ اليهود في الفترة الأخيرة بمخطط واضح من خلال الاقتحامات الجماعية وتأدية الطقوس الدينية في الساحات الجنوبية الغربية للأقصى التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من المسجد الأقصى، وذلك بهدف اقتسامه أو السيطرة على هذا الجزء وتحويله إلى نواة معبد يتوسع لاحقاً على طريقة المسجد الإبراهيمي في الخليل الذي بات كنيساً يهودياً في معظم أوقاته، بعد أن ابتدعوا فكرة تقسيمه بينهم وبين المسلمين كمرحلة أولى، انطلقوا بعدها لقضم مساحات أكبر منه، حتى بات معظم المسجد الإبراهيمي كنيساً يهودياً وضموه مؤخراً إلى قائمة المواقع الأثرية اليهودية.

لذا فإنهم بين فترة وأخرى يزعمون أن هذا المسجد، وهذا القبر، وهذه الأرض، وهذا البيت مقدس عندهم، وجزء من عقيدتهم، ويوجهون أتباعهم لممارسة طقوسهم عند هذا المقدس الجديد المكتشف حديثاً من دون تاريخ، ولا إثبات، ولا عقيدة، ويبدأ مسلسل المصادرة والاستيلاء والترميم وتوسيع الشوارع وهدم المنازل المجاورة، وممارسة الإرهاب والتشريد، وتثبيت اللوحات الإرشادية باللغة العبرية ليصبح وكأن هذا الموقع له تاريخ عريق!!
فاليهود يشعرون في قرارة نفوسهم بعقدة النقص المنبثقة عن قلة أماكنهم المقدسة، بل انعدامها إذا ما قيست بالأماكن المقدسة لدى المسلمين، لذلك فهم يتوهمون باطلاً تلك الأماكن، ويدعون أنها مقدسة لليهود بين ليلة وضحاها، يبتدعونها، ويدعون أنها مقدسة في كتبهم المحرفة، وخيالاتهم الواسعة.

وأمام ما يحدث فإننا نوجه العالم للتالي:

أولاً: عدم الانجرار وراء الخدع اليهودية، أو تسويق آرائهم وتهديداتهم على أنها مسلمات! بل إن الصهاينة كثيراً ما كانوا يدسون أفكاراً تتبناها وسائلنا الإعلامية من غير تدقيق، ثم نقع فريسة الدعاية اليهودية نرددها من غير وعي أو تمحيص.

ثانياً:
الضغط المتصاعد على كل المستويات وبكل الوسائل الشرعية من الضغط الشعبي على الأنظمة والحكام للتحرك تجاه نصرة الأقصى وحمايته، إلى الضغط على المؤسسات الدولية وجامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي ولجنة القدس والمنظمات الدولية والأممية والسفارات والهيئات المختلفة شعبياً ورسمياً، ورفع سقف المطالب بهدف دفعهم إلى التحرك لحماية فلسطين من القضم والمصادرة لمساجدها ومقدساتها.

ثالثاً:
رفع مستوى دعم المدينة المقدسة المادي- الذي لا يكاد يذكر هذه الأيام أمام حجم المعاناة فيها - وكذلك رفع مستوى الدعم المادي والمعنوي لأهلها والمرابطين في مسجدها، وتثبيت أهل القدس الحراس الحقيقيين عن المسجد الأقصى الصامدين في بيوتهم أمام مشروع التهويد، والتنسيق بين كل المؤسسات والهيئات الداعمة من أجل كفاية المقدسيين في مواجهتهم وتحقيق أولويات صمودهم المتعدد الحاجات، ودعم مؤسساتهم الصحية والتعليمية والاجتماعية وغيرها. وكذلك فتح كل السبل مع أهلنا في مناطق الـ 48 من أجل تعزيز وتقوية تحركاتهم في حماية ونصرة مساجد فلسطين ومقدساتها.

رابعاً: تفعيل المقاومين والمجاهدين في الضفة ليقوموا بدورهم في الدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات، ذلك أن هذه المقاومة المشروعة هي من أنجح السبل في ردع المحتل وإيقاف صلفه وتجبره.

خامساً:
دعوة وسائل الإعلام المختلفة إلى إبراز أية واقعة أو تحرك يحصل عند المسجد الأقصى أو أية انتهاك لإرث فلسطين التاريخي الإسلامي ويشكل بداية خطر عليها، واستنفار الرأي العام للشعوب العربية والإسلامية كي تأخذ دورها في الحفاظ على المقدسات، ذلك أن العاتق الأكبر في استنهاض الأمة الإسلامية يقع على وسائل الإعلام. ودعوة الأمة في العالم كله إلى نشر واقع القدس والمقدسات والعمل على بث ثقافتهما وصولاً إلى تثبيت الحق لأصحاب الأرض الشرعيين.

سادساً:
استنهاض المخزون البشري والنوعي القانوني عند العرب والمسلمين وأحرار العالم لاستثمار القانون الدولي في تكبيل حركة المحتل وملاحقته دولياً بتهمة التطهير العرقي في القدس والاعتداء على المقدسات، تماماً كما حصل في تقرير غولدستون للتحقيق في جرائم الحرب على غزة الأمر الذي أربك الصهاينة وفضحهم.

سابعاً:
الدور المطلوب لعلماء الأمة الربانيين يظهر جلياً في وقت الأزمات، والأمة تنتظر من علمائها ودعاتها أن يتسلموا الراية لقيادة الأمة نحو المنهج القويم الذي ارتضاه الله لها لتكون خير أمة أخرجت للناس، وتحقق أملها في نصرة وتحرير المقدسات.

ثامناً: نناشد أبناء الأمة وهيئاتها ومؤسساتها الأهلية والشعبية كل في مجاله وتخصصه إلى العمل السريع لنصرة مقدساتنا وأهلنا في فلسطين بشتى الوسائل الناجحة وبمختلف الإمكانيات المتاحة، فثبات أهل فلسطين ثبات للأمة وقيامها، وسقوطهم سقوط للأمة.
ونناشد من بيده القرار أن يقف موقفاً يكتب له عند الله في الدفاع عن المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث المساجد التي تشد لها الرحال ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم الذي رويت أكنافه بدماء ملايين الشهداء على مر العصور من أسلافنا لإبقائه عزيزاً محرراً من كل غاصب.

وأخيراً، نسأل الله تعالى أن يثبت أهلنا في الداخل ويأخذ بيدهم نحو نصرة دينه ومقدساته، ونسأله تعالى أن يرد أمتنا لدينها لتحقق عزها الضائع، وترفع عنها ثوب الذل والعار.
 
مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية
16/ ربيع الأول/1431هـ
الموافق 2/3/2010م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق