الجمعة، 9 نوفمبر 2012

أ. حمود بن عقلاء الشعيبي 17/10/1421هـ

لحمد لله معز أوليائه المؤمنين ومذل أعدائه الكافرين والمنافقين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وقائد المجاهدين رسول رب العالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فإبراءً للذمة ونصحاً للأمة وقياماً بالواجب نحو إخواننا المسلمين المرابطين في الأرض المباركة فلسطين المحتلة، ووقوفاً معهم في مواجهة العدوان الغاشم والحملة الحاقدة الشرسة من اليهود أبناء قتلة الأنبياء ومن يساندهم من النصارى الصليبيين وأذنابهم من المنافقين، نكتب لهم وللأمة المسلمة وللعالم أجمع هذا البيان الذي نضمنه المواقف والوصايا التالية:

أولاً: لقد اقتضت حكمة الله عز وجل أن يوجد الصراع بين الحق والباطل، كما اقتضت حكمته أن لا ينتشر دينه ولا تدفع الفتنة عن أهله إلاّ بجهد المؤمنين وجهادهم وتضحياتهم. ولو شاء سبحانه لانتشر هذا الدين وانتصر أهله بغير جهاد ولا عناء، قال الله تعالى: (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ).
ثم إن المتأمل في هذا الصراع الحاصل في واقعنا المعاصر بين الإسلام وأهله الصادقين من جانب، والكفر وقواه من جانب آخر يرى أن هوية العدو ورايته تتحدد بشكل أوضح خاصة بعد ظهور ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، وبعد مؤتمري مدريد وأوسلو وما أعقبهما من مؤتمرات ولقاءات في أمريكا وفي شرم الشيخ، ثم الحرب الآثمة على المسلمين المسماة حرب الإرهاب.
لقد ظهرت حقيقة العداوة وطبيعة الصراع بين معسكر أهل الإسلام ومعسكر أهل الكتاب من اليهود والنصارى الصليبيين ومن سار في ركبهم من المنافقين من خلال ما يجري لكم خاصة يا أبناء الأرض المباركة من قبل أبناء قتلة الأنبياء ومن خلال ما يجري للمسلمين عموما في أنحاء الأرض من قبل رأس الكفر والطغيان أمريكا وعملائها.
إن ما يحدث اليوم في أرض مسرى رسول الله ; من عدوان وظلم وإبادة وتشريد للمسلمين الفلسطينيين من قبل اليهود الكفرة ما هو إلاّ حلقة من حلقات الصراع العقدي بين المسلمين والكفار. وإننا في الوقت الذي نعلن فيه استنكارنا لجرائم اليهود الغاصبين وأفعالهم الشنيعة بالمسلمين، لنحيي صمود إخواننا المجاهدين في سبيل الله معلنين ولاءنا ومناصرتنا لهم ومشاركتنا ووقوفنا معهم بكل ما نستطيع من جهاد سواء أكان بالكلمة والدعاء والنصح أو بالمال أو بالنفس لو كان إلى ذلك سبيل.

ثانياً: ننبه إخواننا المجاهدين في الأرض المباركة إلى وجوب المحافظة على إسلامية الراية، وعلى المنطلق العقدي في قتال اليهود، وهو أن يكون قتالا شعاره أنه في سبيل الله تعالى وغايته لتكون كلمة الله هي العليا. وقد قال رسول الله : " مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله هيَ العُلْيَا فَهُوَ في سَبِيلِ الله". وهذا يقتضي الحذر من كل راية لا تكون هذه الغاية غايتها، وهذا الشعار شعارها. فليس كل من أظهر العداء لليهود أو أمريكا يلزم أن يكون مواليا وصديقا لكم. فالصديق من وقف معكم لأجل دينكم ومقدساتكم الشرعية ، ولا يكون هذا إلا من مسلم صادق.
والعدو من خالفكم في ذلك ولو كان عربيا فلسطينيا، فإن المنافقين أكثر خطرا على المجاهدين من الكفار المجاهرين. قال الله تعالى: "هم العدو فاحذرهم"، وقال تعالي: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ). وقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).
وإن من مقتضيات عقيدة الولاء والبراء أن يعادى المسلم الكفار والمنافقين دون اعتبار لجنسياتهم ولا أجناسهم ولا لغاتهم، فليس هناك إلاّ فسطاطان: فسطاط فيه المؤمنون الموحدون مهما اختلف جنسهم ولونهم ولغتهم عرباً كانوا أم عجماً، وفسطاط فيه الكفار والمنافقون مهما اختلف جنسهم ولونهم ولغتهم عرباً كانوا أم يهوداً أم نصارى أم طوائف منحرفة عن الحق من أتباع الفرق الضالة كالرافضة أو المذاهب الكفرية المعاصرة كالقوميين والعبثيين.
ومن هذا المنطلق العقدي الواضح تعد أنظمة الطاغوت التي تحمي دولة اليهود من كل جانب، وتحكم شعوبها بالقوانين الوضعية الطاغوتية هم أعداء للمسلمين كاليهود أو أشد. كما يعد أي فلسطيني في أي منظمة فلسطينية سواء أكان قائدا أم مقودا رئيسا أم مرؤوسا ممن يدعون إلى العلمانية ويتنكرون لدينهم ويخونون مقدساتهم هم أعداء للمسلمين وفي خندق غير المؤمنين.
وعندما يتميز الأعداء من الأولياء حسبما تقتضيه عقيدة الولاء والبراء، يزول اللبس عن المسلمين وتزول الشبهة عن غاية جهادهم وتصبح راية إسلامية ربانية، لا راية جاهلية عصبية عميّة.
واعلموا أيها المجاهدون أنه ما لم تنجل الأمور بهذا الوضوح والتميز فإن الخلل والاضطراب والتضليل والخداع والاختراق الحاصل اليوم سيستمر، وستبقى معه مصائب الأمة وتستمر هزائمها.
وفي هذه الحال لا ننتظر نصر الله عز وجل للمسلمين ولا فتحه عليهم ولا تحرير مقدساتهم؛ لأن شروط النصر لم تتحقق، ولأن سنة الله عز وجل اقتضت أنه {لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. فإذا لم يغير المسلمون ما بأنفسهم من الخلل في أصل العقيدة ومنها عقيدة الولاء والبراء؛ فإن الله عز وجل لا يحابي أحداً. ومن الواجب على أهل العلم والدعاة - وبخاصة في الأراضي المحتلة - أن يربّوا المسلمين على هذه الأصول ويجعلوها هي منطلقاتهم في جهادهم ومعاداتهم وموالاتهم.
ثم إن الثبات على هذه الأصول والمحافظة على هذه الغاية أيها المجاهدون يحقق لكم إما النصر وإما الشهادة. قال تعالى: " قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ". وبالعكس من ذلك فيما لو اهتزت الثوابت وتلوثت الراية وفسدت النية وتغيرت الغاية، وقصدت الدنيا في الجهاد؛ فإن المآل في ضوء السنن الربانية والشواهد القرآنية والتجارب التاريخية أن لا نصر ولا تمكين، والعياذ بالله تعالى.
ولذا نحذر إخواننا المجاهدين في فلسطين من تلك الرايات الكفرية التي قد يرفع أهلها شعار المقاومة لليهود، لا لتكون كلمة الله هي العليا ولكن لتكون كلمة الكفر أو العلمنة هي العليا في نهاية المطاف. فليحذر أنصار الله عز وجل من أبناء الأرض المباركة أن يكونوا أداة لهؤلاء المنافقين والعلمانيين، الذين يريدون استخدامهم ليعبروا على جثثهم وجماجمهم وجراحاتهم في تحقيق دولة علمانية صورية موالية لأعداء الله الكافرين، وحامية لدولة الصهاينة المعتدين. وليعتبروا بحركات المقاومة والجهاد ضد المستعمر في الجزائر وغيرها من بلاد المسلمين، وكيف قطف العلمانيون وأذناب الكفر ثمرة الجهاد ونحوا الإسلام الذي كان هو المحرك الأول لمجاهدة المحتل ومقاومته عن الحكم وأبعدوا المجاهدين الذين ضحوا بأنفسهم لتكون كلمة الله هي العليا عن مواقع المسؤولية ، بل حاربوهم بكل ما استطاعوا من سلاح.

ثالثاً: وبناء على ما سبق، فإننا نعلن من خلال هذا البيان تحذيرنا لإخواننا المجاهدين من كل عميل ومنافق داخل السلطة الفلسطينية أو خارجها يتنازل عن أرض المسلمين للكفار ويساوم على دماء المجاهدين أو يقوم بتسليمهم لليهود إرضاء لهم، ناصبا من نفسه شرطيا لليهود وحاميا لظهورهم من أن تنالهم رماح المجاهدين ورصاصهم سواء صدرت هذه الخيانات من رئيس أم وزير أم رجل أمن من المنتسبين للسلطة الفلسطينية.
ولذا، فنحن نبرأ مما فعله ذلك المنافق الخائن لدينه وأمته رئيس الأمن الوقائي في الضفة الغربية (جبريل الرجوب) الذي قام بتسليم اليهود بعض المعتقلين من المجاهدين أثناء اجتياح اليهود الغادر الظالم لمدينة رام الله، فهذه الأعمال تعد من التولي للكفار ونصرتهم على المسلمين، وقد قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
وإننا من خلال هذا البيان، لنحذر كل منافق وضع نفسه في خندق اليهود في مواجهة المجاهدين من أن يستمر في غيه هذا، وندعوه إلى التوبة من هذا العمل والدخول في فسطاط أهل الإيمان والجهاد، قبل أن يفتضح أمره ويهتك الله ستره بواسطة أوليائه المؤمنين من المجاهدين والعلماء والمصلحين داخل فلسطين وخارجها.

رابعاً: نتوجه بالنصح إلى إخواننا المجاهدين الصابرين في أرض مسرى رسول الله بأن يحذروا من الذنوب والمعاصي وعلى رأسها الشرك ، فإنها أشد خطراً من العدو الغاشم، وهذا يقتضي بذل الجهد في اتباع الرسول في الاعتقاد والأقوال والأعمال، وأن يصاحب الجهاد المسلح دعوة وتعليم للناس، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر قدر الجهد والوسع والطاقة. فما من نعمة ولا نصر ولا خير إلاّ وأصله طاعة الله عز وجل وتقواه وما من مصيبة وبلاء وشر إلاّ وأصله معصية الله عز وجل. قال الله تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). وقال سبحانه (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)، وقال سبحانه (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ). وقال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ).

خامساً: نسجل من خلال هذا البيان استنكارنا ورفضنا الشديد لدعوة السلام الدائم والتطبيع مع اليهود الكفرة، أو التنازل لهم عن أرض مسرى رسول الله التي فتحها المسلمون الفاتحون، وأقاموا فيها شعائر التوحيد وشرائعه. فمن ذا الذي يملك أن يبيع ولو شبراً من أراضي المسلمين هناك ؟ إن ذلك لا يملكه أحد من الناس كائناً من كان، لأن أرض فلسطين المسلمة لا يجوز أن يقر عليها الكفار ليرفعوا على أرضها شعائر الكفر ورايات الشرك. وإننا في هذا لسنا بدعاً من أهل العلم فلقد سبقنا إلى رفض هذا الصلح فضلا عن التطبيع علماء أجلاء من جميع أنحاء العالم الإسلامي، ويتجلى هذا فيما يلي :
فتوى علماء وقضاة وخطباء فلسطين عام 1355 بحرمة بيع الأراضي الفلسطينية على اليهود.
فتوى علماء نجد في تحريم بيع أراضي فلسطين عام 1357.
فتوى لجنة الفتوى في الأزهر عام 1375هـ، بتحريم التطبيع مع اليهود.
فتوى جماعية من (63) عالماً من ثماني عشرة دولة، عام 1409هـ، بحرمة التنازل عن أي جزء من فلسطين.
فتوى علماء اليمن في تحريم التطبيع مع اليهود.
فتوى مؤتمر علماء فلسطين عام 1412هـ، بحرمة المشاركة في مؤتمر مدريد وحرمة التطبيع مع اليهود. وهناك فتاوى كثيرة يمكن الرجوع إليها مجموعة في كتاب (فتوى علماء المسلمين في تحريم التنازل عن أي جزء من فلسطين). نشر جمعية الإصلاح.

وليس المقام هنا مقام التفصيل في أدلة تحريم التطبيع، فهي من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى تفصيل، ثم إن التطبيع مع اليهود والسلام الدائم معهم هو تعطيل لشعيرة عظيمة من شعائر هذا الدين ألا وهي الجهاد في سبيل الله عز وجل، ذروة سنام الدين. فمن ذا الذي يملك أن يلغي شعائر الله عز وجل ويعطلها!؟

سادساً: إن حرمة التطبيع مع اليهود والسلام معهم لا يتعارض مع إبرام هدنة مؤقتة ريثما يتقوى المجاهدون ويدرءون عن أنفسهم خطر الإبادة، ويعدون العدة الإيمانية والمادية للجهاد. فلو احتاج المجاهدون إلى مثل هذه الهدنة المؤقتة فإن هذا من أحكام السياسة الشرعية التي يستدل لها بقواعد المصالح والمفاسد المعتبرة شرعا. فالتطبيع مع اليهود والإقرار الدائم باحتلالهم لبلدان المسلمين لون، والهدنة المؤقتة لون آخر، والذي يحدد الهدنة طلبا أو قبولا، وكذلك ضوابطها وشروطها هم أهل العلم والجهاد، لا أهل الجهل والضلال.

سابعاً: نخاطب في هذا البيان علماء الأمة قاطبة وخطباءها خاصة في كل بقاع الأرض بالصدع بالحق من خلال إصدار البيانات والخطب والمواقف والفتاوى الشرعية إزاء ما يجري من حرب الإبادة والتشريد للمسلمين في فلسطين من قبل اليهود الحاقدين، وإزاء ما يطرح من مبادرات التطبيع والسلام الدائم مع اليهود الغاصبين. كما نحثهم على الوقوف مع المجاهدين ودعمهم في كل مكان، وأن يردوا محاولات الاستسلام المهين وبيع أراضي المسلمين، فإن لم يفعلوا، فمن ذا الذي يبين للناس حقيقة ما يجري من خيانات ونفاق؟ ومن ذا الذي يقف مع قضايا المجاهدين هناك؟ أليس هذا من الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم؟ أتترك الأمة لتضليل المبطلين ويترك المجاهدون لسوم المتخاذلين؟
إن في تبني علماء المسلمين -أفراداً، وجماعات ولجان فتوى وروابط علماء- لقضية الجهاد والمجاهدين في فلسطين وغيرها ليشعر الكفرة المعتدين بأن وراء المجاهدين علماء الإسلام الذين يسندونهم ويحرضون الأمة على قتال أعدائهم، وفي هذا تخويف وردع للكافرين، وتقوية وسند للمؤمنين ورفع لمعنويات المجاهدين، والعكس من ذلك فيما لو سكت أهل العلم والفتوى فسيكون ذلك خذلانا لهؤلاء المجاهدين وتثبيطا للمؤمنين وتشجيعا للكافرين.

ثامناً: نوجه خطابنا إلى أبناء الأمة الإسلامية في كل مكان، مطالبين إياهم بدعم إخوانهم الذين يجاهدون الكفرة في كل مكان سواء بالنفس أم بالمال أم بالسلاح لمن قدر على ذلك، فإن بذل المال للمجاهدين من أعظم أنواع الجهاد، وقد قدم الله سبحانه الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في أكثر من آية من القرآن الكريم من ذلك قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)، وقوله تعالى (انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
وإن من لم يقدر على المال فلا أقل من اللسان والقلم أو بالدعاء والكلمة الصادقة التي تحق الحق وتبطل الباطل في كل مناسبة في المجالس والمنابر. وقد قال الرسول : (جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ بأمْوَالِكُم وَأنْفُسِكُمْ وَألْسِنَتِكُم"). أخرجه أبو داوود. إن خذلان المجاهدين أو التهاون في نصرتهم ورفع الظلم والاضطهاد عنهم هو ذنب عظيم وتضييع لفرصة كبيرة في تحطيم آمال اليهود، وتعريض للمجاهدين والمسلمين جميعاً لخطر جسيم.

تاسعاً: نتوجه إلى الأمة جميعا بتحذيرها من اللهو والعبث واللهث وراء الدنيا وشهواتها، والانصراف عن تضييع الأوقات في الشهوات وتضييع الأعمار أمام لهو وعبث القنوات. فالأمر جد خطير، وكيف يلهو ويعبث من يعلم أنه خلق لأمر عظيم وغاية شريفة ألا وهي عبادة الله وحده؟ وكيف يلهو ويلعب من يرى إخوانه المسلمين ونساءهم وأبناءهم يقتلون ويشردون ويجوعون؟ وهل يأمن هذا اللاهث العابث اللاهي أن يأتيه ما أتى إخوانه في بلدان المسلمين المختلفة ؟ (أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ).
ثم إننا نخص بهذا النداء كثيرا من المسؤولين عن الإعلام من أبناء الأمة لنقول لهم: كفاكم تلبيساً وتضليلاً لأمتكم، وكفاكم لهواً وعبثاً بأوقاتها، فإن تغييب الأمة عن قضاياها المصيرية وإشغالها باللهو والشهوات بلغ درجة الإجرام والخيانة في حقها، فتوبوا إلى بارئكم بالمسارعة في إيقاظها والحذر من الاستمرار في تجهيلها، ذلكم خير وأحسن تأويلاً.

عاشراً: نلفت أنظار المسلمين إلى أهمية المقاطعة الاقتصادية للبضائع اليهودية والأمريكية وكل من يدعم اليهود، فإنه سلاح قوي لو اجتمع المسلمون أو بعضهم عليه. فكم من البضائع والمطاعم والمؤسسات الاقتصادية هي رؤوس أموال يهودية تحت غطاء أمريكي أو بريطاني. ولذا فإننا نهيب بإخواننا المسلمين استخدام هذا السلاح –سلاح المقاطعة- خاصة السلع الثمينة كالسيارات، ومقاطعة شركات الخدمات الأمريكية كالبنوك والشركات في مجال التنمية والطاقة والمطاعم.
فلو امتنع المسلمون عن شراء السيارات الأمريكية -مثلا- لخسرت أمريكا المليارات، كما تخسر مثل ذلك فيما لو امتنع المسلمون عن الشراكة معهم في مشاريع التنمية والطاقة.
ولقد جربت المقاطعة في مصر مع بعض المطاعم فظهرت نتائج تسر الصديق وتسوء العدو. والمسلم يحتاج إلى التضحية في سبيل دينه، فليحزم أمره وليقاطع بضائع العدو ومؤسساته الاقتصادية. إن المقاطعة الاقتصادية سلاح مؤثر لتأثير الاقتصاد على الدول والمجتمعات وصناع القرار. ثم هو أمر مقدور عليه من الشعوب المسلمة حتى لو لم تقاطع الأنظمة. ثم إن المقاطعة مطلوبة حتى لو لم تؤثر التأثير القوي لأنها تعد صورة من صور إعلان البراءة من الكفر وأهله.

حادي عشر: لقد تأكد للمسلمين أن الهيئات والمنظمات العالمية ليست محلا للثقة؛ لأنهم بين منحاز إلى السفاحين المجرمين (اليهود والأمريكان) وبين متفرج عير مبال بما يحدث من تقتيل وتدمير للمسلمين في فلسطين وفي غيرها. وإن سكوت العالم على ما تحدثه أمريكا وطاغوتها السفاح (بوش) ودولة اليهود وسفاحها الطاغوت (شارون) من فتنة وفساد وشر في الأرض لهو أمر مستنكر من كل منصفي العالم.
ونحن نحذر العالم بأن أكثر من مليار مسلم لن يستمروا طويلا يتجرعون مرارة الظلم والقهر من قبل أمريكا ودولة اليهود ، فروح المقاومة ستسري في الأمة. وما حركات الجهاد في فلسطين والشيشان وأفغانستان وغيرها ضد الظالمين من اليهود والأمريكان والروس وغيرهم إلا طلائع المقاومة الجهادية في هذه الأمة. قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).
اللهم ارحم عبادك المسلمين المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها اللهم ارحمهم في فلسطين، اللهم اكشف كربهم وفك أسرهم واشف جرحاهم واقبل موتاهم وارفع الشدة والبلاء عنهم. اللهم اشف صدورنا بنصرة دينك وعزة أوليائك وخذلان أعدائك. اللهم عليك باليهود والأمريكان المعتدين. اللهم أنزل عليهم رجزك وعذابك إله الحق. اللهم رد كيدهم في نحورهم، واقذف الرعب في قلوبهم وزلزل الأرض من تحت أقدامهم. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

المــوقـــعـــون  : 1- الشيخ : محمد بن فهد العلي الرشودي
2- الشيخ : علي بن خضير الخضير
3- الشيخ : سليمان بن ناصر العلوان
4- الشيخ : حمد بن ريس الريس
5- الشيخ : حمد بن عبد الله الحميدي
6- الشيخ : صالح بن عبد الله الرشودي
7- : الشيخ : عبد الله بن فهد السلوم
8- الشيخ الدكتور : سليمان بن حمد العودة
9- الشيخ الدكتور : عبد الله بن إبراهيم الريس
10 - الشيخ :عبد العزيز بن ناصر الجليل
11- الشيخ الدكتور :عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف
12- الشيخ الدكتور :عبد العزيز بن عبد المحسن التركي
13- الشيخ : محمد بن أحمد الفراج
14- ناصر بن حمد الفهد
يوم الاثنين : 23 / صفر / 1423
وصلى الله على نبينا محمد

 
بيان مناصرة للمجاهدين المرابطين في أكناف بيت المقدس
من بعض أهل العلم في بلاد الحرمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق